و'النكبة' هی حرب نشبت فی الخامس عشر من ایار/ مایو 1948 فی فلسطین بین كل من مصر والأردن والعراق وسوریة ولبنان والسعودیة من جهة والعصابات الصهیونیة والتی تشكلت فی فلسطین من البلماخ والإرجون والهاجاناه والشتیرن والمتطوعون الیهود اثناء الانتداب البریطانی علي فلسطین من جهة ثانیة.
وجاءت الحرب بعد اعلان بریطانیا فی الرابع عشر من ایار/ مایو 1948 انهاء انتدابها علي فلسطین وغادرت تبعا لذلك قواتها من منطقة الانتداب و اعلان العصابات الصهیونیة قیام ما یسمي بـ'إسرائیل' علي المساحات الخاضعة لسیطرتها فی فلسطین.
كما جاءت الحرب بعد اصدار الأمم المتحدة قرارا بتقسیم فلسطین لدولتین یهودیة وعربیة الأمر الذی عارضته الدول العربیة فشنت الدول العربیة الانفة الذكر هجوما عسكریا علي تلك العصابات لطردها من فلسطین فی 15 ایار/ مایو 1948 استمر حتي اذار/ مارس 1949.
واسفرت الحرب عن تدمیر العصابات الصهیونیة التی دعمتها امیركا لحوالی 580 قریة فلسطینیة وتهجیر 800 الف فلسطینی من قراهم لیتوزعوا فی البلدان العربیة ومختلف أرجاء المعمورة وأصبح عدد هؤلاء اللاجئین وأولادهم وأحفادهم الیوم أكثر من 4 ملایین لاجئ. ولا یزال معظمهم یعیش فی مخیمات اللاجئین فی الضفة الغربیة وقطاع غزة وفی البلدان العربیة المجاورة.
وبحسب تقاریر صحیفة فان الفلسطینیین یستعدون لإحیاء ذكري النكبة غدا، حیث من المقرر أن تنطلق المسیرات فی مختلف أرجاء الوطن الفلسطینی، وفی داخل الاراضی الفلسطینیة المحتلة لعام 48.
واحیا اللاجئون الفلسطینیون ذكري 'النكبة' العام الماضی بمسیرات فی سوریة ولبنان والأردن توجهت الي الحدود مع فلسطین أطلق علیها 'مسیرات العودة'.
وجابهت قوات الاحتلال الصهیونی تلك المسیرات بإطلاق النار علي المشاركین، ما أدي إلي سقوط 15 شهیداً برصاص الاحتلال، 4 منهم سقطوا فی الجولان السوری المحتل بعد أن تمكن مئات من الشبان الفلسطینیین والنازحین من الجولان السوری المحتل من العبور إلي الجزء المحتل واجتیاز حقول الألغام والأسلاك الشائكة ووصلوا إلي قریة 'مجدل شمس' المحتلة، بل إن أحد العابرین استطاع الوصول إلي مدینة 'یافا'فی فلسطین المحتلة، حیث سلم نفسه للسلطات الصهیونیة التی أعادته إلي سوریة.
ورأي مراقبون حینها أن مسیرات العودة إلي فلسطین، التی انطلقت فی ذكري 'النكبة'، 'تشرع الأبواب أمام مرحلة جدیدة فی الصراع مع الاحتلال الصهیونی'.
واعتبر هؤلاء المراقبون أن مسیرات العودة لم تكن حدثا عابرا بل هی إعلان تأسیس مرحلة نضالیة جدیدة فی تاریخ القضیة الفلسطینیة عنوانها عودة اللاجئین إلي دیارهم حیث انتقل الفلسطینیون لأول مرة من إحیاء ذكري تهجیرهم بالبیانات والمهرجانات والخطابات إلي محاولة العودة الفعلیة إلي دیارهم.
لكن ذكري 'النكبة' لهذا العام تمر فی ظل ما اصطلح علي تسمیته 'بثورات الربیع العربی' التی حدثت فی عدد من الدول العربیة، والأحداث التی تمر بها سوریه والتی حولتها الجامعة العربیة ودولها الي قضیتها المركزیة وباتت القضیة الفلسطینیة من القضایا الثانویة لدیها.
وإن لم تأخذ 'ثورات الربیع العربی' فی تونس ومصر ولیبیا والیمن الكثیر من همّ جامعة الدول العربیة، علي اعتبار أن الثورة فی تونس لم تطل، وفی مصر كانت فی عهدة العسكر، وفی الیمن تولي أمرها مجلس التعاون لدول الخلیج الفارسی، فإن الاحداث السوریة التی بدأت منتصف اذار/ مارس العام الماضی حلت محل القضیة الفلسطینیة فی جامعة الدول العربیة، مع تزاید ضغوط قنوات فضائیة أجنبیة خاصة قناتی 'الجزیرة' و'العربیة' وما یقف خلفهما من سیاسات قطریة وسعودیة.
ورغم تزاید ممارسات قوات الاحتلال الصهیونی الرامیة إلي تهوید القدس والمسجد الأقصي وابتلاع الأراضی الفلسطینیة عبر زیادة عملیات الاستیطان إلا أن الجامعة العربیة لم تكترث لكل ذلك، وراحت تتورط اكثر فاكثر فی المؤامرة التی تستهدف سوریا بتحریض من قطر والسعودیة والولایات المتحدة الامیركیة والغرب عموما.
وقد مثل قیام الكیان الصهیونی المحتل علي أرض فلسطین جریمة كبري بحق الامتین الإسلامیة و العربیة، لكن إرادة الصمود والتضحیات لدي الشعب الفلسطینی استطاعت المحافظة علي الهویة الوطنیة، وعلي حقها فی الدفاع عن الأرض وحمایة الثوابت الوطنیة، والتمسك بخیار المقاومة، واستنزاف العدو الصهیونی، ودحره عن قطاع غزة، وإعاقة مشاریعه ومخططاته الاستیطانیة التوسعیة.
انتهي **2131 **1431 ** 2342
دمشق/14 ايار/ مايو/ارنا يصادف يوم غد الثلاثاء الـ15 عشر من أيار/ مايو الذكري الـ64 لـ'النكبة' الفلسطينية، في وقت باتت القضية الفلسطينية في غياهب نسيان معظم الدول العربية ، علي خلفية الاحداث التي تعصف بعدد من دول المنطقة.