١٦‏/٠٣‏/٢٠٢٢، ١٢:٥٢ م
رمز الخبر: 84687441
T T
٠ Persons

سمات

بروين اعتصامي شاعرة الإبداع ولافونتين العصر

١٦‏/٠٣‏/٢٠٢٢، ١٢:٥٢ م
رمز الخبر: 84687441
 بروين اعتصامي شاعرة الإبداع ولافونتين العصر

طهران/16اذار/مارس/ارنا- الشاعرة بروين اعتصامي من رموز الشعر الفارسي الحديث والتي دعت الى انتشار ثقافة المرأة ومنحها مزيدا من الحرية الشخصية.

ويحمل الشعر الإيراني الكثير من الإنجازات والابداعات التي تفسح المجال امام التواصل الحضاري والتعايش السلمي ولعب الشعر دورا كبيرا في الثقافة الإيرانية، ونال كبار الشعراء الايرانيين بمن فيهم ابوالقاسم فردوسي صاحب ملحمة الشاهنامة وعمر الخيام وجلال الدين الرومي وحافظ الشيرازي شهرة عالمية.

وشهدت إيران في مطلع القرن الحالي حركة نسائية نشطة ، و برزت من خلالها أسماء كثيرة في عالم النضال و الجهاد من أجل حرية المرأة و ضرورة مشاركتها الرجل في حمل أعباء الحياة الاجتماعية و الثقافية، و انعكس هذا التوجه من قبل الحركة النسائية الإيرانية في عالم الأدب و الثقافة، إذ حملت بعض هؤلاء النسوة أقلامهن ، و دافعن بها عن أرائهن و أفكارهن ، و يأتي في مقدمة هذا البعض الشاعرة الإيرانية “بروين اعتصامي” ، كخير مثال عن نساء العصر الحديث في الأدب .

وتعتبر بروين من شعراء العصر الحديث في إيران التي أدخلت في شعرها مضامين جديدة استلهمتها من الثقافة الاسلامية.

"بروين" (كلمة فارسية تعني ثريا) ولدت في مدينة تبريز عام 1906 وفقدت والدتها وهي صغيرة وكان أبوها يوسف خان الأنشياني الملقب باعتصام الملك (اعتصامي) قد انتقل بها إلى طهران حيث تلقت بروين في العاصمة دروس اللغة العربية وآدابها إلى جانب اللغة الفارسية والأدب الإيراني، فأحاطت علما ومعرفة بكبار الكتاب والأدباء وأعمالهم.

ولم تلق َ أي ّ أديبة الشهرة التي حظيت بها بروين في عمرها القصير، ولقد أتاحت لها الظروف العائلية أن تتثقف وتبدع، وتنشر ما أبدعه قلمها.

تزوجت بروين عندما بلغت الثامنة والعشرين من عمرها من ابن عمها لكن حياتها الزوجية كانت قصيرة حيث انها طلقت بعد شهرين ونصف فقط من الزواج.

توفي والدها عام 1937م الذي كان من أفاضل زمانه في الأدب، وكان هذا الحدث كارثة في حياتها باعتبار والدها كان معلمها ومرشدها فبكته بكاء مريرا مؤثرا، ولقد توفيت بروين في شبابها عام 1941م عن عمر ناهز 35 عاما.

 بروين اعتصامي شاعرة الإبداع ولافونتين العصر

سيدة الشعر الايراني المعاصر

كانت " بروين " تتمتع بخصال حميدة وأخلاق فاضلة جعلها موضع اهتمام واحترام العديد من الوجوه الأدبية والاجتماعية في ايران وخارجه و كانت تلك الشاعرة التي دعت إلى انتشار ثقافة المرأة وإعطائها مزيدا من الحرية الشخصية، ومزيدا من التنفس، والاستماع إلى رأيها، وتلبية حقوقها التي ترهلت مع الزمن، وأساء الناس فهمها.

انها شاعرة مُلتزمة ومُتدينة وهبت قلمها لحرية شعبها ونشدت الحياة السعيدة له. لقد أحب الناس شعرها لطهارة قلبها ونبل مقاصدها واستقطب اسلوبها القصصي المؤثر والوعظي المعبّر شغف المُتلقين حتي لقبها بعضهم بـ " لافونتين العصر".

وقد تميز اسلوبها بالوضوح المُفعم برصانة شعراء القرنين الخامس والسادس للهجرة حيث تأثرت باسلوب ناصر خسرو وسعدي الشيرازي من القدماء، ومن المتأخرين الكبار فقد كانت مُعجبة بملك الشعراء بهاركما ترك علي أكبر دهخدا الأديب واللغوي المعروف بصمات علي قصائدها.

أشعار بروين زاخرة بالمشاعر الصادقة والرومانسية الحزينة الهادئة خاصة في قصيدتها (الطفل اليتيم) إذ أنها تعبر عن حالتها الحزينة بعدم رؤيتها لوالدتها وحرمانها من حنانها وعطفها تقول الشاعرة:

" أشياء رأيتها ولم أحبها

لم أر وجه أمي أبدا

والطفل اليتيم عيونه ليست فرحة

كم جميل نور وجه الأمهات

لكن لماذا لا أرى نورا أمامي"

 بروين اعتصامي شاعرة الإبداع ولافونتين العصر

وتطرقت بروين في اشعارها الي كثير من جوانب الحياة وتحدثت عن الابرة والخيط والحمص والعدس لتبسيط فكرتها لدى المتلقي واستخدمت بعض الألفاظ العامية لأفهام الناس وتقريب الفكرة.

اهتمت بالمواعظ والحكم وعبّرت عنها بالمناظرات والحواريات لجذب القارئ، ونقتطف علي سبيل المثال لا الحصر قصيدة السكير والعاقل حيث تقول:

صادف المحتسب سكيراً في الطريق

فجذبه من قميصه

قال السكير: هذا قميص أيها المحتسب وليس لجاماً

قال: فمالي أراك أيها السكير تسير مُتأرجحاً؟

أجاب: ليس الخلل في مشيتي ، بل في الطريق الوعرة.

قال: فلابد من استدعائك الى المحكمة

اجاب: ان القاضي نائم فلنذهب صباحاً

قال: منزل الوالي قريب، تعال نقصده

أجاب: ألا تعلم بأن بيت الوالي خمارة ايضاً؟

قال: اذاً فعلى العقلاء ان يُقاضوك

اجاب: فائتني بعاقل... وأين هو

خاضت في اشعارها العديد من الموضوعات السياسية والاجتماعية حيث كانت اشعارها صرخة في وجه الاستبداد

وخلقت بروين في اشعارها مفاهيم اسطورية مستمدة من التراث الاسلامي ودعت الي انتشار ثقافة المرأة وخاضت في اشعارها موضوعات سياسية واجتماعية متشعبة وكانت اشعارها صرخة في وجه الاستبداد حیث انها خطفت بجدارة لقب "سيدة الشعر الإيراني المعاصر".

وتناولت بروين في شعرها قضايا الأيتام والفقراء، الحرية والعمل، العدالة والطبقية الاجتماعية، وقضايا المرأة بشكلٍ أساس.
يقول الشاعر والباحث في الأدب الفارسي الدكتور سعيد نفيسي، إنّ بروين كان لها وجهٌ هادئُ الملامح يزيّنه الحياءُ ونظرتها الشهيرة إلى أسفل دائماً عند الحديث، ومنطقٌ وقورٌ وفصيح، حتى أنها لم تكن لتبديَ أيّ عُجبٍ وفخرٍ بذاتها حين يمتدحونها، بل كانت لا تسعى للظهور والشهرة أبداً.
يعدُّ نمطُ شعر بروين اعتصامي كلاسيكيّاً معاصراً، إذ يبدو أنّ الشاعرة قد وضعت الحجرَ الأساس لبناء القصيدة الحديثة بشكلها الجديد وحبكتها الحديثة، لدى رواد الشعر الحديث وقصيدة النثر لاحقاً. فهي بذلك تكون قد أحدثت ثورةً على الشكل القديم للقصيدة الكلاسيكية، فأضفت عليها عناصرَ جعلتها أقربَ للإنسان في مجتمعها وفي لحظتها الزمنية، رغم شهرتها بكونها الشاعرة الملتزمة التقليدية التي يحضر في قصائدها الإرث الإسلامي والأخلاقيات والقيم بقوة، حتى راح بعضهم إلى القول بأنها اكتفت بالروح القديم للشعر ولم تتجرأ أن تفصح عن مكنونات المرأة كما فعلت فروغ فرخزاد، غير أن المقارنة، وفق ما يرى النقاد، منتفية. ذلك أن اعتصامي تنتمي إلى حقبةٍ تعدّ ظلاميةً على مستوى حالة المرأة الاجتماعية وحضورها في الساحات الثقافية والفنية. اليوم، لا يُنظَرُ إلى بروين اعتصامي على أنها شاعرة زمانها الأولى، وإنما يجمع النقاد على أنّها حقّقت في قصائدها، ما لم يستطع الكثير من الشعراء الذكور تحقيقه، سواءً لجهة محتوى القصيدة وقضاياها أم من جهة الجمالية والتركيب الشعري والحبكة والسياق. غير أنّ ما يقدّرُ لبروين، أنّها طلعت وتألقت في برهةٍ كانت المرأةُ فيها لا تزالُ مقموعةً وممنوعةً عن ممارسة مواهبها وإبداعاتها، والبوح بأحاسيسها على شكلِ نصٍّ وقصيدة.

تقول بروين:
القلبُ الطاهرُ مرآةُ وجه الله
هي مرآةٌ لا تصدأ
الجسدُ الذي امتطى حصان الهوى عمراً
لم يدرك يوماً أنه کان بلا سرج

انتهى

تعليقك

You are replying to: .