جاء ذلك في مقابلة اجرتها شبكة "إن بي سي" التلفزيونية الأميركية، مع الرئيس الايراني مسعود بزشكيان، شرح فيها مواقف وتوجهات الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحكومة الرابعة عشرة بشأن أهم القضايا الداخلية والخارجية.
*الضغط الاقصى
وفي الرد على سؤال حول تهديد ترامب بتنفيذ سياسة الضغط الأقصى ضد إيران قال: من الواضح حتى الآن أننا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية شهدنا منذ البداية أن الولايات المتحدة حاولت الإطاحة بحكومتنا، ونتيجة لذلك زادت العقوبات ضد إيران يوما بعد يوم. لقد حاولنا دائمًا العيش بسلام في المنطقة، ولكن للأسف فإنهم يزيدون الضغط علينا يومًا بعد يوم. لقد خلقت العقوبات مشاكل لنا، ولكن هذا لا يعني أننا لا نستطيع البقاء على قيد الحياة في ظل هذه العقوبات.
*أتمنى أن يجلب ترامب السلام إلى المنطقة والعالم، وليس نشر الحرب والاضطرابات وإراقة الدماء
واضاف: أتمنى أن يجلب ترامب السلام إلى المنطقة والعالم، وليس نشر الحرب والاضطرابات وإراقة الدماء. هذا ما نتوقعه حتى نتمكن من التحرك والمضي قدماً في الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً من أجل السلام والاستقرار.
*المحادثات المباشرة
وفي الرد على سؤال عن مدى استعداد ايران لإجراء محادثات مباشرة ومفتوحة مع واشنطن ومع الرئيس ترامب، قال: مشكلتنا ليست مع الحوار، مشكلتنا هي في الالتزام بالتعهدات التي يجب الالتزام بها بعد الحوار. في المحادثات التي جرت مع مجموعة 5+1 والتي استمرت لفترة طويلة، التزمنا بكل تعهداتها، ولكن للأسف الطرف الآخر هو الذي لم يلتزم بهذه التعهدات. مازلنا لا نعلم هل سيحدث نفس الشيء مرة أخرى إذا تفاوضنا. لقد نشأ نوع من عدم الثقة في الحكومة ولدى قائد الثورة ، لدرجة أنه مهما تفاوضنا هناك إحساس بأنهم يفكرون في الإطاحة بنا، وليس الحوار وحل المشكلة.
واضاف: نحن نحاول أن نعيش حياتنا الطبيعية رغم كل الضغوط التي يمارسونها علينا. لقد عانينا من بعض الأضرار الناجمة عن العقوبات، ولكننا حققنا أيضاً إنجازات كبيرة فيما يتصل بهذه العقوبات والضغوط. كلما زاد هذا الضغط، كلما بحثنا أكثر عن طرق الخروج.
*الاتفاق النووي
وتابع: نحن لا نبحث عن الحرب أو إراقة الدماء أو الصراع أو الاضطرابات في المنطقة، نحن نبحث عن السلام. الكيان الصهيوني هو الذي يدمر المنطقة ولم يوافق منذ البداية على نجاح الاتفاق النووي وتنفيذه. وصرح نتنياهو علناً أنه سيفعل كل ما في وسعه لمنع تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة.
وعن رد ايران فيما لو شنت "اسرائيل" هجمات لوقف الأنشطة النووية الإيرانية ، قال: بطبيعة الحال، سيكون لدينا رد متناسب على كل عمل. نحن لا نخشى من الحرب، لكننا لا نبحث عنها أيضًا. ما يتحدثون عنه من هجوم هو الأرض والمعدات، ولكن ما اكتسبناه هو الفكر والمهارة والقدرة التي لا يمكن تدميرها.
وقال الرئيس بزشكيان: إن الدولة التي تتحدث عن السلام والحرية وتدعي حقوق الإنسان تدافع الآن للأسف عن كيان قتل أكثر من 50 ألف امرأة وطفل وشيخ وشاب ودمر مدارس مستشفيات ومنازل وبنية تحتية وكل مقومات الحياة في غزة، وهو أمر لا يمكن الدفاع عنه بأي حال من الأحوال. الحرب هي بين الجيوش، وليس بين الناس العاديين والأبرياء الذين يفقدون حياتهم.
*ايران لديها القدرة للرد بقوة على اي هجمات
وحول مدى احتمال شن هجمات عسكرية ضد إيران قال: هذه الهجمات العسكرية ستكون بلا شك ضارة للمنطقة والعالم. ولكن هذا ليس صحيحا. فإيران ليست غزة ولا سوريا. إيران لديها القدرة على الرد بقوة على هذه الهجمات، لكننا لا نسعى أبدا إلى التسبب في حرب في المنطقة أو، لا قدر الله، أن نؤدي إلى انعدام الأمن في المنطقة.
*لا نسعى للحصول على اسلحة نووية
واضاف: إن التوترات القائمة لا تصب في مصلحة احد. لقد قاموا بتفتيش كافة منشآتنا النووية. وكل ما قمنا به كان سلميا. نحن لم ولن نسعى إلى الحصول على أسلحة أو قنابل ذرية، إنهم يريدون أن يقولوا لنا : "إنكم تريدون الحصول على القنبلة النووية". هذه هي العقلية التي يريدون خلقها وغرسها في العالم، ثم خلق الشرعية لتدخلهم. ولكن هذا التدخل سوف ينتهي بالتأكيد إلى الإضرار بالعالم. نحن ليس لدينا أي نية لصنع أسلحة نووية، وقد أثبتنا ذلك في الاتفاقيات التي أبرمناها.
وقال: لقد قلنا مراراً وتكراراً أننا لا نبحث عن قنابل أو أسلحة نووية، وكنا دائماً ونستمر في فتح الأماكن التي تجري فيها فعالياتنا أو أنشطتنا النووية للتفتيش الدولي. إنهم يقولون هذه الأشياء لخلق حالة من الخوف من إيران في العالم، وهو أمر غير صحيح وغير مقبول بأي حال من الأحوال.
وردا على سؤال وهو انه في ضوء ما حدث لنظام بشار الأسد في سوريا والاضرار التي لحقت بحزب الله وحماس، هل أدى ذلك إلى إضعاف إيران؟ قال الرئيس الايراني: لا أرى مثل هذه الصلة، ربما يرى ذلك بعض الأصدقاء في المنطقة، لكننا أصبحنا أقوى وأكثر تماسكاً على المستوى المحلي مقارنة بالعام الماضي. لقد زادت اتصالاتنا ومشاركتنا وأمننا الداخلي، وزادت مشاركة الناس في صنع السياسات في الحكومة وفي الدعم بشكل أكبر بكثير مما كانت عليه في الماضي.
*لم ولن نسعى إلى الحرب أو الصراع في المنطقة بأي شكل من الأشكال
واردف: خلال الحملات الانتخابية وبعد الانتخابات، كان هذا شعاري، وحاولنا أن نحث الناس على الخروج والتصويت. كل ما قلته هو أننا داخليا سوف نفعل شيئا ما حتى يتمكن كل الناس من المشاركة في السياسة والإدارة وصنع القرار، وسوف نحاول أيضا أن نعيش مع جيراننا في صداقة وعلاقات ودية. نحن لم ولن نسعى إلى الحرب أو الصراع في المنطقة بأي شكل من الأشكال.
وفيما اذا كانت هنالك خطط لدى ايران لاغتيال ترامب قال: في الواقع، إنها نفس الخطط التي يسردها الكيان الصهيوني والأجانب لإثارة الخوف من إيران. هل كل الهجمات الإرهابية التي حصلت في المنطقة، في أميركا، وفي أوروبا، إيرانية أم من دول أخرى صديقة لتلك الدول؟ لم يكن هناك إيرانيون متورطون في هذا الأمر، ولم تكن هناك أي صلة بين إيران والأشخاص الذين عثروا عليهم. لم تسع إيران مطلقًا إلى اغتيال أحد، ولا تفعل ذلك.
*ليست لدى ايران اي خطة لاغتيال ترامب
وردا على سؤال وهو أنه ألم تكن هناك أبدًا خطة إيرانية لاغتيال دونالد ترامب؟ قال: لا. اطلاقا.
وفيما اذا كان يعتقد بأن إيران ستسعى للانتقام مما أمر به ترامب للمسؤولين عن استشهاد الحاج قاسم سليماني؟ قال: هذا يعود إلى القضاء. كان القائد سليماني بطلاً قومياً، وكان وجوده في العراق وسوريا لمحاربة داعش والإرهابيين، ولكن للأسف جاءت أمريكا واغتالته في العراق. هذه الجريمة لا تتفق مع أي قانون دولي، ولكن للأسف أمريكا هي من فعلت ذلك.
وفيما اذا كان مستعدا للتعهد بعدم اتخاذ أي إجراءات انتقامية ضد دونالد ترامب من قبل إيران، قال: لم تكن لدينا أي نية لاتخاذ هذا الإجراء منذ البداية، ولن نفعل ذلك أبدًا.
*انصارالله
وفي الرد على سؤال ان كانت ايران تدعم حركة انصارالله، قال: في ظل الحصار الذي فرضوه عليهم، هل من الممكن الوصول إليهم ومساندتهم؟ كما حاصروا غزة فقد قيدوا الوصول إلى انصارالله إلى الحد الذي لم يعد أحد يستطيع التواصل معهم. فكيف يمكن لإيران أن تدعمهم في ظل عدم امكانية الوصول اليهم؟.
*الزيارة الى روسيا
وحول زيارته المرتقبة الى موسكو والتوقيع على اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين قال: نحن في طريقنا إلى التوصل إلى اتفاق استراتيجي مع روسيا، تماماً كما فعلنا مع الصين وكما طلبنا من أوروبا. نريد أن تكون لدينا اتفاقيات استراتيجية مع كافة البلدان والتفاعل مع بعضنا البعض في كافة المجالات حيثما أمكن. وهذا لا ينطبق على روسيا فحسب، بل نحن مستعدون للجلوس والتوقيع على هذه الاتفاقية مع جميع البلدان التي تريد أن تكون لها علاقات ودية وعقلانية ومقبولة للطرفين.
وفيما اذا كانت هنالك هناك حاجة ملحة لاستكمال هذا التفاهم، قال: هذه الاتفاقية مكتوبة ومُعدة منذ فترة طويلة قبل ان اتولى مهمة الرئاسة، ونحن نحاول الآن إقامة مثل هذا الاتصال مع كافة دول المنطقة وجيراننا.
*الملف النووي
وفي الرد على سؤال فيما يتعلق بالملف النووي، وهل ان إيران مستعدة لإجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة في المستقبل؟ قال: لقد كانت هناك محادثات من قبل، وكنا مستعدين دائمًا للتباحث. ما يقلقنا وما ثبت حتى الآن ولم تسفر هذه المحادثات عن نتائج، هو أننا نتحدث منذ زمن طويل ونتحرك، والطرف الآخر يسعى إلى ممارسة الضغوط. يجب أن نكون على ثقة بأن ما هو مكتوب وموقع على الورق سيتم تنفيذه من قبل الطرف الآخر. إذا تأكدنا نحن وقائد الثورة أن ما اتفقنا عليه سيتم تنفيذه، فلن نتهرب من الحوار أبدًا.
وتساءل: إذا كنتم حقا تريدون السلام والهدوء في المنطقة فلماذا تهددوننا وتعاقبوننا كل يوم؟ لماذا ترسلون أشخاصًا لاغتيال مجموعة من الأبرياء في المجتمع؟ إذا كنتم تريدون السلام حقًا، فما هي هذه الامور؟.
وقال رئيس الجمهورية: كما قلت، ليست لدينا مشكلة مع الحوار. ما يجعل قائد الثورة يرافقنا كصاحب القرار النهائي في هذا الشأن، وهذا ما كان يفعله دائماً، هو أنه يجب أن يكون هناك يقين بأن إذا تفاوضنا فسوف نصل إلى نتائج، وليس أن يكون الأمر مجرد كلام وتفاوض من أجل التفاوض. إن الحوار يهدف إلى بناء الاحترام بين الجانبين والمساواة في هذه العملية، وليس إلى قيامنا بالوفاء بالتزاماتنا والطرف الآخر لا يفي بالتزاماته.
واكد قائلا: نحن لا نسعى إلى الحصول على الأسلحة النووية. إنهم يريدون باستمرار أن يبثوا في العالم أننا نتجه نحو إنتاج الأسلحة النووية، وعلى هذا الأساس يريدون خلق الضغوط وفرض العقوبات.
وعن الخطوات العملية التي تستعد إيران لاتخاذها لبناء التوافق وتخفيف التوترات، قال: عندما وصلنا إلى السلطة، كنا نتحدث مع أوروبا لحل اختلافات الرأي والشكوك التي كانت موجودة. حتى عندما أتينا إلى نيويورك أجرينا محادثات غير مباشرة مع الأميركيين أنفسهم، ولكن للأسف فإن الكيان الصهيوني، بسلسلة الإجراءات التي بدأها باغتيال الشهيد هنية والأحداث اللاحقة التي تلتها، يوما بعد يوم... أدى ذلك إلى انقطاع التواصل والتفاوض.
واكد: نحن نقبل الحوار على قدم المساواة، مع مراعاة كرامتنا وحكمتنا، ولن نرضخ لمنطق القوة بأي شكل من الأشكال.
وفي الرد على سؤال وهو إذا أرادت إسرائيل والولايات المتحدة مهاجمة إيران، ماذا سيكون رد إيران على هذا الهجوم؟ قال رئيس الجمهورية: سنعطيهم ردا سريعاً، وعندها سيدركون أن الأمر ليس بهذه البساطة.
*جرائم الكيان الصهيوني
وحول جرائم الكيان الصهيوني في غزة قال: لقد قتلوا 13 ألف طفل وشاب في غزة، وقتلوا أكثر من عشرة آلاف امرأة هناك، وارتكبوا الكثير من المجازر، فهل هذه هي الطريقة الصحيحة للقتال والنضال؟ ماذا تعني حقوق الإنسان؟ لنفترض أن الطرف الآخر ارتكب خطأ فادحا. فهل يكون رد الفعل على هذا الخطأ هو قتل النساء والأطفال والشيوخ والشباب، وتدمير كل من يعترض طريقه، ثم يقول: "أنا أدافع عن نفسي!"؟ انا لا افهم هذا.
وقال: آمل أن تتمكنوا من نقل الرسائل إلى أولئك الذين يستمعون اليها في مختلف أنحاء العالم بأننا لا نسعى إلى الفوضى والحرب، بل نسعى إلى السلام والهدوء في العالم. الفرصة التي منحنا إياها الله على هذا الكوكب، والذي هو عبارة عن كرة صغيرة لو نظرنا لها بعمق تكاد لا ترى في مجرة ، لا تستحق كل هذا القتال والقتل والدمار. علينا جميعا أن نتكاتف لبناء عالم المستقبل، حتى يتمكن البشر من الاستفادة من هذه النعمة التي وهبها الله لهم في سلام ووئام، جنبا إلى جنب، والعيش بفرح، وليس بالقتل والمذابح وإراقة الدماء.
انتهى ** 2342
تعليقك