التجارة الصينية-الروسية تقترب من التخلي عن الدولار

طهران /20 كانون الاول/ ديسمبر/ ارنا - جعل تسييس الدولار واستخدامه كسلاح اقتصادي عملية ازالة الدولرة حتمية لا مفر منها بحيث أن 95% من التجارة الصينية-الروسية الثنائية الان لا تتم تسويتها بالدولار.

وبحسب ما ذكره موقع Peoples Dispatch الإلكتروني،فقد تجاوزت روسيا والصين هدفهما المتمثل في إجراء تبادلات تجارية بقيمة 200 مليار دولار قبل نهاية العام الجاري.

صرح  النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي "أندريه بيلوسوف" خلال زيارته الأخيرة للصين، بأن 95% من اجمالي التعاملات التجارية بين روسيا والصين في العام الجاري تتم بالروبل واليوان.

ووفقا لوزير التنمية الاقتصادية الروسي "مكسيم ريشيتنيكوف" انه تم تنفيذ 68٪ من إجمالي التجارة الروسية بالروبل والعملات الأجنبية في الفترة من كانون الثاني /يناير الى تشرين الاول/ أكتوبر من العام الجاري.

كما استخدمت روسيا اليوان في تجارتها مع منغوليا والفلبين وماليزيا والإمارات العربية المتحدة وتايلاند واليابان وطاجيكستان وسنغافورة.

إن الحديث عن ضرورة ازالة الدولرة في اقتصادات عالم الجنوب (العالم الثالث النامي) ليس جديدا،الا ان عام 2023 سيُسجل في التاريخ باعتباره العام الذي تسارعت فيه هذه العملية عالميا.

العقوبات المفروضة على روسيا

وبحسب المعلومات التي نشرها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فإنه منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في شرق أوكرانيا في شباط /فبراير 2022 تم فرض أكثر من 17 ألف عقوبة على روسيا.

والدول التي فرضت عقوبات على روسيا هي في الواقع دول عالم الشمال (الدول الغنية والمتقدمة صناعيا) والتي تضم كل من أمريكا، كندا، بريطانيا ، الاتحاد الأوروبي (والمرشحون لعضوية هذا الاتحاد)، سويسرا، كوريا الجنوبية، أستراليا واليابان  وايضا سنغافورة التي تعد من استثناءات خريطة دول عالم الشمال.

و تعتبر الحزمة الجديدة من العقوبات المفروضة على روسيا صارمة وغير مسبوقة، ووفقاً للرئيس الأميركي جو بايدن نفسه فإن هذه التدابير مصممة بحيث يكون لها تأثير طويل الأمد على روسيا وأن تكون أكثر فعالية من أي شيء قامت به امريكا وحلفائها على الإطلاق.

وأوضح مدير قسم الاقتصاد الروسي في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية بولينغ (Xu Poling) انه في الفترة من 2014 الى 2022، سعت روسيا الى ازالة الدولرة وتحقيق اليورو في وقت واحد، حينها  أصبح الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الرئيسي لروسيا مما أدى الى تغيير العملة التجارية الرئيسية من الدولار الأمريكي الى اليورو.

ووفقا لبولينغ فقد انخفضت التجارة بين روسيا وأوروبا بنسبة 70% وزادت التجارة بين روسيا وآسيا بنسبة 70%  منذ عام 2022، كما افاد ان زيادة الاتفاقيات مع الدول الصديقة للعملات الوطنية أصبحت حيوية لضمان التجارة الخارجية وتطويرها.

وقد أعلن البنك المركزي الروسي في تقريره لعام 2022 انه بعد فرض العقوبات من قبل الدول المعادية، أصبحت عملاتها "سامة" للوكلاء الاقتصاديين الروس.

تأثير العقوبات

وقال نائب مدير مركز الدراسات الروسية في جامعة "شرق الصين" للتعليم الخاص، تشانغ شين: "المرة الأولى التي سمعت فيها نقاشا جادا حول "ازالة الدولرة" وأهميته الجيوسياسية الكبيرة كان في عام 2014 حيث يرجع ذلك في الغالب الى القضايا الإيرانية".

وفي نهاية العام الماضي، قررت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بقيادة السعودية خفض إمدادات النفط بأكبر قدر منذ عام 2020 بنحو مليوني برميل.وبالمقابل ، وهددت إدارة بايدن السعودية بسبب هذا القرار ولمحت الى ان هذا الإجراء ستكون له "عواقب" على هذا البلد.

و ولأول مرة في التاريخ استخدمت الروبية في المعاملات النفطية حيث اعلنت السفارة الهندية في الإمارات في بيان إن مؤسسة النفط الهندية دفعت بالروبية لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) في اب/أغسطس من هذا العام. وستلتحق كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة اعتبارا من الأول من كانون الثاني/يناير 2024 بمجموعة دول البريكس.

وقدمت المفوضية الأوروبية الحزمة الثانية عشرة من العقوبات ضد روسيا في تشرين الثاني /نوفمبر 2023 ومن المتوقع أن توافق عليها دولها الأعضاء في منتصف ديسمبر/كانون الأول.

وقد حطمت التجارة بين روسيا والصين مؤخرا الرقم القياسي الذي تجاوز 200 مليار دولارالذي كان من المفترض أن يتحقق هذا الهدف في عام 2024.

وصرح تشانغ شين انه إذا اتحدت الاقتصادات الصناعية الكبيرة وخاصة الصين، مع جزء من الدول الرئيسية الغنية بالطاقة والدول الرئيسية في العالم النامي، يمكن تغيير الديناميكيات التي تشكل الأساس الاقتصادي والسياسي لقوة الدولار الأمريكي الذي أطلق عليه منذ عام 1970 ما يسمى بدولار النفط.

واما بولينغ فيعتقد أن عملية "ازالة الدولرة" لن تكتمل بسرعة، مضيفا انه لا بد من ظهور خيارات جديدة من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك مسألة إمكانية توصل أمريكا إلى اتفاق مع الدول الأخرى وتقديم المزيد من التسهيلات والضمانات وهو ما سيؤثر أيضا على عملية ازالة الدولرة.

واضاف بولينغ مؤكدا على ان تسييس الدولار واستخدامه كسلاح اقتصادي جعل عملية ازالة الدولرة حتمية لا مفر منها.

انتهى**ر.م

تعليقك

You are replying to: .