واضافت الاستاذة "رباب" في حوار مع وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء (ارنا) حول المفاوضات الايرانية الامريكية والتي عقدت الجولة الثالثة منها بوساطة عمان اليوم السبت، ان "الملف التفاوضي الاخير والذي لا يعد بالامر الجديد، حيث كانت هناك مفاوضات سابقة، ايران تخوضها هذه المرة بقوة اكبر وبنحو مختلف عن السابق معتمدة على تجارب سابقة وآخذة بعين الاعتبار التزامات الاطراف بالاتفاق النووي لعام ٢٠١٥".
وتابعت : من هنا يمكن القول انه وفي ظل اجواء مشحونة وتهديدات عالية النبرة من كلا الطرفين، والتي كادت ان توحي بأن المنطقة ذاهبة باتجاه الحرب، جاءت هذه المفاوضات الحالية لترسم خصوصية ومؤشرات مختلفة لها عما سبقها من المحادثات السابقة.
ولفتت الى القول : نرى في المقابل ترامب، الذي لطالما كان يسخر من الاتفاق النووي ووصفه بالصفقة المروعة والمثيرة للسخرية وبأنها اسوأ صفقة يتم التفاوض عليها على الاطلاق، ويهدد ايران بانها ستواجه الجحيم وستتلقى ضربات ثقيلة وساحقة، لكنه في نهاية المطاف، وبعد ان فشلت كل تهديداته يأتي ليفاوض الايرانيين".
واوضحت : هنا لا بد الاشارة الى ان قرار ترامب هذا، وكما افاد العديد من المحللين والمتخصصين جاء لاسباب معينة : -
- جدية التهديدات الايرانية والتي جاءت سواء على لسان قائد الثورة الاسلامية، ام على لسان وزير الخارجية وحتى على مستشار سماحة القائد وقادة عسكريين،
- ادراك الجميع مدى اقتدار ايران العسكري،
- ربما يريد ايضا ترامب تحقيق انجاز دبلوماسي منفرد، فهو يريد التفاوض منفردا وليس كما تم التفاوض عليه خلال عام ٢٠١٥ بوجود اطراف اخرى (مجموعة ٥+١).
واردفت : هكذا، وبناء على شروط ايران بان تجرى المفاوضات بالاطار غير المباشر وان تلعب سلطنة عمان دور الوسيط فيها، تم شروع المفاوضات.
وعن نتائج المفاوضات حتى الان، رات الاستاذة رباب، ان التقارير تشير حاليا وبعد عقد 3 جولات، الى انه تم فقط طرح الموضوع النووي الايراني للمناقشة لا غير وان الجانب الامريكي ابدى مرونة والتزم بالضوابط التي تضمن استمرار ايران الجلوس الى طاولة المفاوضات.
وتابعت : الان كل العيون شاخصة على المراحل التالية للمفاوضات والتي من المتوقع ان تشهد مباحثات فنية حول مسألة درجة التخصيب واجهزة الطرد المركزي. وهنا، اما يوافق عليها عراقجي و ويتكوف او يوعزان باستمرار المباحثات الفنية لجولات اخرى اذا ما كانت هناك نقاط خلافية.
وردا على سؤال حول مواقف الدول من المفاوضات ودور ايران في امن المنطقة، قالت هذه الخبيرة في الشؤون الاقليمية : كما هو واضح للجميع، فإن المفاوضات الايرانية- الامريكية تثير اهتماما دوليا واسعا وتجري حولها اجتماعات ولقاءات في دول اوروبا الغربية وفي موسكو وبكين، كما ان الدول العربية تهتم بهذه المفاوضات بصورة خاصة لما لها من تأثيرعلى المنطقة ككل.
واوضحت : ربما يسعنا القول بان هذه المرة تعطي الدول العربية، المفاوضات اهمية اكثر واكبر من المفاوضات السابقة حيث اتخذ البعض من هذه الدول في وقت ما، مواقف مابين مراقب ومؤيد بحذر، لكننا نجد الدول العربية الان مرحبة بهذه المفاوضات غير المباشرة وتؤكد دعمها للجهود الساعية للحوار الذي تعتبره سبيلا لاعادة الثقة وتعزيز الامن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.
ومضت الى القول : هنا لابد من الاشارة، وعلى سبيل المثال الى، ان زيارة وزير الدفاع السعودي المفاجئة لطهران ولقائه مع سماحة قائد الثورة الاسلامية، جاءت لتسهم في اجواء الارتياح حول مسار المفاوضات.
واستدركت : ان الدول العربية غيرت وجهة نظرها تجاه ايران بعد ان عبر الايرانيون عن مبادئهم وشرحوا نواياهم الحسنة تجاه جيرانهم مع تاكيدهم على سياسة حسن الجوار والتي ادت لاستئناف العلاقات الايرانية-السعودية والتي ارخت بظلالها الايجابية على كل المنطقة.
وتابعت : فمن المنطقي ان ايران الدولة الاستراتيجية وذات التاريخ العريق والمكانة الجغرافية الحساسة والفعالة في المنطقة، تلعب دورا مهما في التنمية والتطور الاقليميين على كافة الاصعدة.. وهنا يدرك الجميع، وهو ما يؤكده الخبراء الاستراتجيون ايضا، بان اي تصعيد ضد ايران سوف يشعل المنطقة برمتها، وبأن شن حربا عسكرية عليها ستكون باهظة وستطال الدول المجاورة وحتى امريكا اقتصاديا وسياسيا.
واوضحت قائلة : في حين اننا نرى بان الدول العربية في المنطقة وعلى راسها السعودية والامارات تسعى الى بناء تحالفات متنوعة مع امريكا والصين وروسيا، مع الحفاظ على مسافة حذرة من اي صراع قد يتفجر بين واشنطن وطهران، لذلك صرحت بعض هذه الدول برفضها استخدام القواعد العسكرية الامريكية المتواجدة على اراضيها لضرب ايران. فمختصر الكلام في هذه المسألة، هو ان شن اي حرب على ايران ستجر المنطقة الى حرب تجارية شرسة وبالتالي، يصبح العالم على شفير الهاوية لان اسعار النفط ستقفز بجنون واليورصات العالمية ستنهار ، وامريكا ستخسر مكانتها عالميا.
وحول موقف الكيان الاسرائيلي من المفاوضات غير المباشرة بين ايران وامريكا، فقد اكدت الاستاذة رباب، بان هذا الكيان يعد الخاسر الاكبر من هذه المفاوضات، فلطالما تغنّى نتنياهو بنجاحه في حمل الاسرة الدولية على فرض عقوبات غير مسبوقة ضد ايران منذ العام ٢٠١٠، وحتى انه عارض ابرام الاتفاق النووي عام ٢٠١٥، ولم يتوقف عند هذا الحد، بل وكعادته يختلق الكيان الصهيوني سرديات مفبركة لتحقيق اهدافه وقام بتكثيف جهوده الاستخباراتية لمتابعة سلوك ايران النووي والذي يعده اكثر القضايا مصيرية بالنسبة له ولأمنه.
وتابعت : نتنياهو، الذي كان يدفع امريكا للتورط في حرب مع ايران، بدأ يفقد الان حلمه بشن هجوم على المنشآت النووية الايرانية وبات الخاسر الاكبر. فالعالم اختار التفاهم مع ايران عوضا عن مواجهتها، ولم يلتفت للصراخ الصهيوني غير المنقطع والذي يسعى لاتباع "النموذج الليبي" في المفاوضات الايرانية- الامريكية مما يعني تفكيك المشروع النووي الايراني برمته.
ورات بانه من هذا المنطلق، يؤكد الخبراء بان لدى الطرفين الايراني والامريكي، مصلحة قوية بالتوصل الى اتفاق وتجاوز محاولات التخريب الصهيونية التي لا تجري في الخفاء قط انما ايضا على رؤوس الاشهاد.
وشددت على ان، "الكيان الصهيوني (كيان الشر المطلق)، هو العقبة الاساسية المانعة لتحقيق وارساء الامن والسلام في منطقة الشرق الاوسط، فهو يسعى دائما لعرقلة اي مباحثات ايجابية في المنطقة".
وتساءلت : بما ان الملف النووي السلمي الايراني يأخذ كل هذا الاهتمام اقليميا ودوليا، فلماذا لا تقوم الدول الاقليمية بما هو مطلوب، وهو طرح الواقع النووي للكيان الاسرائيلي (الذي يعد القوة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط، وهو الذي يهدد باستخدام النووي في حروبه) قبل الحديث عن مشروع ايران النووي السلمي؟! اما حان الوقت لمبادرة عربية تطرح نزع السلاح النووي من الشرق الاوسط، بما في ذلك اسلحة الكيان "الاسرائيلي" النووية والتي يستعملها كأداة للهيمنة.
واكدت : برأيي والعديد من التابعين لهذا الشان، فإن مصحلة الامن القومي العربي تقتضي تفكيك الملف النووي الصهيوني لان وجود قنابل ذرية في حوزة هذا الكيان، الذي يرتكب مجازر لا انسانية ولا يحترم القوانين الدولية ولا الشرائع السماوية، هو خطر استراتيجي يستهدف شعوب المنطقة كافة.
ولفتت هذه الخبيرة اللبنانية في الشؤون الايرانية والاقليمية، الى القول : في المقابل ان الملف النووي السلمي الايراني يخدم البشرية ويسهل حياة العديد من الناس في مجالات كثيرة كالطب، والزراعة، والصناعة والتكنولوجيا وغيرها؛ وبالاضافة الى ذلك، فإن ايران اكدت مرارا وتكرارا على انها لا تسعى الى امتلاك اسلحة نووية انطلاقا من مبادئها الانسانية وعقائدها الدينية.
ونوهت الى، أن "ايران تخوض مفاوضات دفاعا عن حقها المشروع في استخدام وتطوير التكنولوجيا النووية بما فيه فائدة ومنفعة للانسان، كنا انها تستخدم الدبلوماسية في ملفها هذا، ولا نية لديها لعسكرة هذا الملف السلمي، وهو ما تؤكده وكالة الطاقة الذرية الدولية ووكالات الاستخبارات الامريكية بالكامل، ان ايران ليس لديها برنامج عسكري نووي.. وايران لا تسعى الى حرب، وتدرس بدقة تداعيات نشوب حرب مفروضة عليها في المنطقة، ويجب التذكير هنا بان عمليتي الوعد الصادق ١ و٢ كانتا بمثابة تدريب او انذار واظهار لاقتدار الجمهورية الاسلامية الايرانية".
وختمت الاستاذة رباب بالقول : لكن هذه المرة اذا تم المساس بأمن وسيادة ايران، فسوف يتلقى الكيان الصهيوني وكذلك القواعد العسكرية الامريكية في المنطقة، ضربات عسكرية مدمرة وستكون حرب استنزاف لا تحمد عقباها.. وخلاصة القول، لا مصلحة لامريكا في الحرب، لذلك لجات الى التفاوض.. تجدر الاشارة الى ان الاتفاق لا يحصل بين ليلة وضحاها وانما يجب اعطاؤه الوقت الكافي والدراسة الدقيقة لينضج، ويمكن القول باننا الان دخلنا مرحلة المراوحة في المكان،كي تتمتع هذه المفاوضات الثقة وتكتسب مستوى تفاوضي على قاعدة (رابح-رابح) وتأتي بنتائج ايجابية للجميع.
انتهى ** ح ع
تعليقك